المقصود هو علي الأكبر - صلوات الله عليه ، لأن زيارة عاشوراء سُطرت لـ/شُهداء ِ ذلك اليومـ .. والإمامـ زين العابدين لمـ يستشهد في اليومـ العاشر ، حيثُ أن الإلهـ أنزل به ِ العلة ِ والمرض ، لحكمته جلَّ شأنه ، والإمامـ الحُسين أوصى السيدة زينب (ع) ، بـ أن لا تدعهُ يخرج للقتال لئلا تخلوا الأرض من حُجة ..
{ علي الأكبر في سطور }
عليّ هذا، علمُ من الأعلام ، وعظيم من عظماء الشبيبة الهاشمية الذين جسدوا إرادة الإسلام ، وواحد من كواكب كربلاء ، كوكب سطع في أفق الطف فوق بطحاء كربلاء . مجاهد عنيد لمبادئ يؤمن بها وقضاياً يتبنّاها .
وليس أدل على ذلك مما شهدته الحقبة التاريخية الحسينية في ميدان كربلاء ، لم تفتح كربلاء أبواب ميدانها لتسمح بالدخول من أجل استعراضٍ بطولي ومباريات مجد عسكرية طارئة أو مؤقتة ، إن كربلاء لقاء على مستوى العقيدة ، وصراع على صعيد الفكر ، ومبارزة قوامها المبادئ .
ما برحت ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) في خلود أيامها ، ومجد ذكراها مليئة بالأصالة ، معبرة عن العز والكرامة والحرية، متمتعة بالجلال والهيبة ، لأنها نقية خالية من الشوائب كاملة الصفاء ، نزيهة الدوافع، قدسية النية ، ولأنها ثرية غنية بالعطاء ، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربّها .
علي الأكبر بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام ، عُرف بالأكبر .. وهو الكبير في كل امتيازاته ، في عزمه وعلمه وجهاده ، الكبير في نسبه ومصرعه ، في كل أوصافهِ وصفاتهِ .. ولم تكن كلمة (الأكبر) لتزيد منه أو لترفعه أو لتكبر مقامه .. كلا بل هي تمييز له - من حيث السن - عن أخيه الإمام العظيم علي زين العابدين الأصغر منه سناً .. فـ عـلي ليكن أصغر أو أوسط أو أكبر، أنه واحد لا يتغيّر ، انه عليٌّ في علاه ، عليٌّ في علمه وهداه ، عليٌّ في إيمانه وتقواه ، عليُّ عند الناس ، وفي السماء عند الله .
ولقد انحدر علي الأكبر (عليه السلام) ، من أعلى تلك الشجرة والسلالة الطاهرة من نسل نبينا محمد - صلى الله عليه وآله ، وما تلعبه الوراثة من دور فعال في تكوين الشخصية ، فضلاً عما يتجلى في البيت بتربوياته السليمة السامية ، وهذا ما لاحظه الشاعر في علي الأكبر :
في بأس (حمزة) في شجاعة (حيدر) بإبا (الحسين) وفي مهابة (أحمد)
وتراه فـي خلـق وطـيب خلائـق وبليـغ نطـق كالنبـي (محمـد)
{ نسب والدته }
والدته فهي السيدة ليلى الثقفية، وهي عربية الأصل كما يوحي نسبها إلى بني ثقيف ذات الشهرة والصيت الذائع في الطائف وكل البقاع العربية .
وأبيها عروة بن مسعود الثقفي ، وقد شهد صلح الحديبية ، وكني بأبي مرة ، فعروة بن مسعود الثقفي، زعيم من زعماء العرب ، وهو رابع أربعة من العرب سادوا قومهم ، كما ورد عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : " أربعة سادة في الإسلام : بشر بن هلال العبدي - وعدي بن حاتم - وسراقة بن مالك المدلجي - وعروة بن مسعود الثقفي " ، وعلى هذا فان مركز عروة في المجتمع العربي مركزاً رفيعاً مرموقاً ، وكان شجاعاً وجريئاً ، أما كلمات الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) التي وردت بصدد عروة ، فهي لعمرك من أروع أوسمة التقدير التي منحها الرسول القائد إلى جنده الدعاة الصامدين الصابرين أوسمة الشرف المذخور والفخر الخالد في الدنيا والآخرة ، وأهم وسام بعد إعلانه شبيهاً للنبي عيسى (عليه السلام) - هو أنه نظير النبي ياسين في قومه ، وقد ترك في نفس ابنته ليلى آثار الهدى والإيمان والاستقامة على الدين الحنيف ، فقد مضى والدها ضحية قضية سماوية مقدسة ، لقد راح والدها شهيداً وقرباناً لله من أجل رسالته .
أما والدة ليلى ، فهي ميمونة بنت أبي سفيان بن حرب بن أمية ، أي أن أبا سفيان يعد جداّ لليلى ، بيد أن شوائب أمية لم تمس من ليلى أو تؤثر فيها ، بقدر تأثير العنصر العربي الثقفي فيها . السيدة ليلى هذه نالت من الإيمان والحظوة لدى الله سبحانه وتعالى بحيث وُفقت لأن تكون مع نساء أهل بيت النبوة ، تعيش أجواء التقى والإيمان ، وتعيش آلام آل الرسول وآمالهم ، وتشاطر الطاهرات أفراحهن وأتراحهن ، وقد ظفرت بتوفيق كبير آخر ، حيث أضحت وعاءً لأشبه الناس خلقاً برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) .. فهي امرأة رشيدة ، جليلة القدر ، سامية المنزلة ، عالية المكانة ، رفيعة الشرف في الأوساط الاجتماعية ، كيف لا وهي زوجة سبط سيد المرسلين وسيد شباب أهل الجنة أبي عبد الله الحسين (عليه السلام)