نظراً للدور الأبوي الفعال في نشأة الشخص ، بدءاً من كونه نطفة ، ومروراً بمراحل التكوين ، حتى الولادة فـ التربية والتهذيب ، لإمام سبط الرسول الحسين بن علي صلوات الله عليهم .. كلنا يعرفه ، وكلنا يجهله ، نعرفه بالاسم وببعض الأمور ، ونجهل حقيقته الكاملة .
هذا الأب العظيم من شأنه - دونما جدال - أن ينجب ذرية إنما هي نوراً ونبراساً للأمة ، فهو القائد والقدوة ، وعليه فلا نستكثر ذلك على الإمام إنجاب القادة ورجال العقيدة ، وهو الإمام الذي تمكن من أن يصون شعوب الإسلام ، ويحفظ الأُمة العملاقة مع دينها ومبادئها الخلاّقة .
ذلك هو الوالد والأب والمربي الصارم القويّ ، معلم الأُمة ، الذي أنجب للانعتاق والتحرير طاقات نورٍ متمثلةٍ بالشخصيات المضيئة التي اخترقت أستار الظلام عبر عصور الظلم والاضطهاد ووسط تفاقم الأوضاع
أخذ الإمام الحسين عن جدهِ ((مدينة العلم)) ثروة من العلم والحكمة ، وثروة من السمات البالغة في السمو ، وأخذ الإمام الحسين عن أبيه ((باب مدينة العلم)) وافر العلوم والامتيازات ، أبوه أمير المؤمنين عليّ الذي ارتشف من نفس منهل النبي صلى الله عليه وعليهم أجمعين ، وراح الحسين بدوره يوزع ما عنده دون أن ينقص مخزونه أو ينضب ويفيض بما لديه على أولاده الأطهار والتابعين له بـإحسان .
كان الحسين رحيماً ورحمة للمؤمنين ؛ وأولاده صلوات الله عليهم يشاطرونه تلك السمة ، كان الحسين قاسياً على الكافرين والمنحرفين ؛ فكانوا أبناءه حليفو أباهم ؛ صارمين لا يلينون ، وكان الحسين ثائراً يأبى الضيم عزيز النفس ؛ وأبناءه مثله شديدو التمسك بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
ولو أن رجالاً وشباباً عاشوا مع الحسين (عليه السلام) بعض الوقت وبعض العمر لما انفكوا عن تأثيره الرسالي الخطير ، فكيف يكون تأثر أبناءه به إذاً والذين هم من صلبه الطاهر ؟ (ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ)
إن الحديث عن الإمام صلوات الله عليه لا يعدّ محاولة هينة ويسيرة بناءً على أنه ليس شخصاً عادياً يصح عنه الكلام كيفما اتفق الكلام ، وإنما هو شخص امتزجت فيه المبادئ، فجسدها عملاً على أرض الواقع ، انه صاحب رسالة وسيد قضية .. رسالة ممتدة من رسالة جده الرسول الأعظم ، وبرعم من شجرة جده النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) .